2011-11-29, 15:30
رسالة بيانات كاتب الموضوع
أسباب القرصنة البحرية بالبحر الابيض المتوسط المعلومات الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات عدد المساهمات : 6825 تاريخ التسجيل : 23/07/2010
الإتصالات الحالة: وسائل الإتصال:
لتواصل معنا عبر الفيس بوك: تويتر:
موضوع: أسباب القرصنة البحرية بالبحر الابيض المتوسط
تعد القرصنة المتوسطية خلال العصر الحديث حربا غير معلنة وغير شاملة ، وهي استنزافية و معرقلة لمصالح الاطراف المنغمسة في حمأ تها أ كثر منها مدمرة كما هو الشأن في الحروب التقليدية . وقد نشطت وتأ ججت في مرحلة دقيقة من تاريخ الشعوب المتوسطية بشقيها الاوربي المسيحي والمشرقي – المغاربي الاسلامي . ففي أوربا وبالخصوص في شبه الجزيرة الايبيرية حدثت تطورات وظهرت انشغالات كان لها بالغ الاثر في اشعال فتيل القرصنة سواء الاوربية منها أو المغاربية مع تباين الاهداف والمقاصد. فقد تصدر الايبيريون من جهة حركة الكشوف الجغرافية الكبرى وجنوا ثمارها ، ومن جهة اخرى ، قضوا على اخر امارة مسلمة بغرناطة سنة 1492م ، وعملوا على طرد الموريسكيين من الاندلس . كلا الحدثين عمقا هوة الخلاف وأججا نار الصراع مع تباين جلي في موازين القوة . فبالنسبة للقوى الاوربية غير الايبيرية ، نشطت القرصنة المضادة للمصالح الاسبانية و البرتغالية خاصة في المحيط الاطلسي، وكان لها تأثير سلبي في عرقلة الملاحة الايبيرية بين الفينة والاخرى. أما القرصنة الاسلامية سواء منها المشرقية أو المغاربية فانها وان تمسكت بجذورها الدينية كحركة جهاد ضمن سياق الصراع العسكري والحضاري الاسلامي – المسيحي للهيمنة على المتوسط منذ العصور الوسطى ، في مقابل القرصنة المسيحية المنظمة و المدعمة من طرف كل القوى الاوربية في صقلية و مالطا و قبرص وغيرها من الجزر المتوسطية التي كانت معاقل للقراصنة حماة الصليب ، وأسواقا للغنائم و الاسرى المسلمين ، فانها في ظل الظرفية الجديدة لم تفتأ تتمسك بنفس الوازع الديني (التضامن الاسلامي انتقاما لطرد الموريسكيين من الاندلس ) مع تباين في المقاصد والاهداف نتيجة الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي أصبحت تخيم على البلاد الاسلامية. فالدولة العثمانية التي عرفت انحدارا في قوتها واهتزازا في بنيتها منذ وفاة السلطان سليمان القانوني سنة 1566م وهو ما تجلى في تراجع مدها وتزايد هزائمها خاصة بعد دحرأسطولها في معركة " ليبانتو " البحرية سنة 1571م، ذاق اقتصادها الامرين من جراء تراجع دور الوسيط التجاري الذي كانت تلعبه بين الشرق الاقصى وأوربا . كما تأثر المغرب العربي هو الاخر من مخلفات حركة الكشوف على اقتصادياته بسبب أ فول الدور النشط للطرق الصحراوية في عملية وساطته بين افريقيا جنوب الصحراء وأوربا. هذا الوضع الاقتصادي الذي لم يفتأ يتردى رويدا رويدا في البلاد الاسلامية عقب عملية الكشوف ، وما صاحب ذلك من اهتزازات على المستويات السياسية والاجتماعية متمثلة في تراجع الامن و الاستقرار سواء في المشرق أو المغرب العربيين ، أيضا من محنة الموريسكيين وطردهم من الاندلس ، ثم سعي الايبيريين لاحتلال الشواطئ المغاربية . كل ذلك أسهم في تأجيج حركة القرصنة المشرقية والمغاربية وكذا القرصنة المسيحية المضادة في البحر والبر . وقد أذكى هذا النشاط روح المقاومة سواء على المستوى الشعبي فرادى وجماعات ، خاصة أثناء غياب أو ضعف السلطة الجامعة . كما عرفت ذلك بلاد المغارب بعد تفكك الدول( الحفصية، المرينية ، عبد الوادية ) أو على المستوى الرسمي حينما كانت الدولة قائمة و متمكنة كما كان الحال على ذلك خلال فترة معينة من حكم الاتراك وحكم الدولتين السعدية والعلوية. لكن الحديث عن الظروف التاريخية التي أفرزت ظاهرة القرصنة على امتداد السواحل المغاربية كشكل من أشكال الدفاع الشعبي تارة ومظهرمن مظاهر الرفض الرسمي للهيمنة الاوربية وتهديداتها في ظل اختلال موازين القوة تارة أخرى ، ينبغي أن لايخفي الوجه الاخر للقرصنة المتوسطية المتمثل في نشاط القراصنة الاوربيين . وهنا لابد من الاشارة الى حقيقة هامة وهي أن كلا القرصنتين ليستا وليدة ظروف الكشوف والطرد الاندلسي فحسب . بل هما امتداد لاحتكاك حضاري وصراع عسكري تجلت أبرز مظاهره خلال الحروب الصليبية المتوالية ابتداء من العصر الوسيط . ومن هذا المنطلق يمكننا التشديد على دور العامل الديني في تحريك الجانبين نحو الصدام ، وكونه ظل عاملا فاعلا في ذلك الاحتكاك حتى بداية القرن التاسع عشر.
الموضوع الأصلي : أسباب القرصنة البحرية بالبحر الابيض المتوسط // المصدر : منتدياتحلبجةنت // الكاتب: ibn islam