الحمد لله..
لا
يجوز دعاء غير الله لا في الرخاء ولا عند الشدة مهما عظم شأن المدعو ، ولو
كان نبياً مقرباً ، أو ملكاً من ملائكة الله ؛ لأن الدعاء عبادة .
عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
الدعاء هو العبادة " ، ثم قرأ {
وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } رواه الترمذي ( 2895 ) وابن ماجه ( 3818 ) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2370) .
والعبادة حق خالص لله تعالى ، فلا يجوز أن تصرف لغيره ، ولذلك أجمع المسلمون على أن من دعا غير الله تعالى فهو مشرك .
فال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فمن
جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع
ودفع المضار مثل أن يسألهم غفران الذنب وهداية القلوب وتفريج الكروب وسد
الفاقات فهو كافر بإجماع المسلمين . " مجموع الفتاوى " ( 1 / 124 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
ومِن أنواعه - يعني الشرك – طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم والتوجه إليهم وهذا أصل الشرك . " فتح المجيد " ( ص 145 ) .
ولذلك وصف الله تعالى من دعا غيره بأنه لا أحد أضل منه ، قال الله تعالى : {
وَمَنْ
أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا
حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ
كَافِرِينَ } [ الأحقاف: 5-6 ]
وكيف يُدعَى غير الله ، والله تعالى قد أخبر عن عجزهم بقوله : {
وَالَّذِينَ
تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ
تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا
لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ
مِثْلُ خَبِيرٍ} [ فاطر: 13-14 ] .
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ :
يخبر
تعالى عن حال المدعوين من دونه من الملائكة والأنبياء والأصنام وغيرها بما
يدل على عجزهم وضعفهم وأنهم قد انتفت عنهم الأسباب التي تكون في المدعو ،
وهي الملك وسماع الدعاء والقدرة على استجابته اهـ . " فتح المجيد " ( ص 158
) .
وكيف يُدعَى الرسول صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى أمره أن يقول : {
قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا } [الجن: 21].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "
إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ " .
رواه الترمذي (2516) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2043) .
ولذلك فإنه لا شك في خطأ من مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ، بقوله : يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
وخطَّأه في ذلك كبار العلماء :
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعليقه على كتاب "فتح المجيد" بشأن "بردة البوصيري" والتي فيها هذا الكلام :
وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم : "
لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فأنا عبد الله ورسوله "
وإنما تعظيمه وحبه باتباع سنته وإقامة ملته ودفع كل ما يلصقه الجاهلون بها
من الخرافات ، فقد ترك أكثر الناس هذا ، وشغلوا بهذا الغلو والإطراء الذي
أوقعهم في هذا الشرك العظيم . " فتح المجيد " ( ص 155 ) .
هذا ،
ولم يُعلم أن صحابيّاً واحداً كان يستغيث بالرسول أو يدعو الرسول ولا
نُقِلَ ذلك عن عالمٍ من العلماء المعتبرين ، إلا ما كان مِن خرافات
المنحرفين .
فإذا حزبك أمرٌ فقل : يا اللـــــــــه ، فهو الذي يستجيب الدعاء ، ويفرج الكروب ، ويصرف الأمور .
والله أعلم.